
فكل عمل عظيم يبدأ بفكرة تتفاعل مع البيئة المحيطة وتمر بكل الظروف فتتطور من مجرد فكرة إلى عمل ومن مجرد عمل عادي إلى عمل عظيـم، فكثير من الأعمال العظيمة في التاريخ كانت البداية فيها فكرة وبعد التطبيق والتفاعل تصير انجازاً، وفي بعض الأحيان يتحول هذا الإنجاز إلى رمز.
تتلون الأعمال وتتنوع إلى أشكال عِدة سواء كانت أعمال فنية أو أدبية أو دينية أو حتى أعمال “معمارية”. سوف نأخذ جانب واحد من تلك الأعمال ونعمل على إظهار تاريخها ومراحل تطورها وقيمتهـا ورمزيتها، وسنسلط الضوء على العديد من الأعمال المعمارية التى خُلدت في ذاكرة البشرية وتحولت من مجرد فكرة عابرة إلى عمل عظيم، حتى وصل إلى طوره النهائي وأصبح رمزاً يحتزى به.
سآخذكم إلى رحلة حول العالم لنستكشف سوياً تلك الأعمال العبقرية، فهيا بنا لنبدأ رحلتنا من القارة العجوز أوروبا وبالتحديد من مدينة الضباب في إنجلترا:

ساعة بج بن:



وتم البدء فى بناء البرج (برج القديس استيفان) عام 1856 حتى الانتهاء عام 1859، أما عن الساعة نفسها فقد قام بتصميمها إدموند بكيت، وصنعها إدوارد دنت ومن بعد وفاته فردريك دنت:











- يزن جرس الساعه حوالي ثلاثة عشر طناً.
- يبلغ طول عقربيها 9 و14 قدماً.
- برج الساعة طوله 320 قدماً.
- من الممكن أن تتعرض الساعه لعطل مفاجئ مرة كل حوالي سبع سنوات ويقوم فريق العمل على متابعتها باستمرار.
- توجد الساعة في برج القديس استيفان في الجزء الشمالي من مبنى البرلمان.
وأترك لكم أكثر من خلفية متميزة للساعة: 1, 2, 3, 4, 5, 6,
***********************************************************************
ومن إنجلترا إلى جارتها فرنسا:

برج إيفل:
تنطبق مقولة غاندي الشهيرة على هذه التحفة المعمارية التي أبهرت العالم منذ إنشائها ومازلت تبهره الآن، فقصة إنشائه تدل على عظمته وجماله وتثبت أن الصعود على القمة لم يأت بسهولة، فهيا بنا نتعرف على تفاصيل بناء هذا المبنى العملاق:
تبدأ قصتنا مع هذه التحفة الفولاذية عندما أرادت فرنسا أن تظهر للعالم مدى تقدمها التكنولوجي والصناعي عن طريق إقامة مبنى هدفه الأساسي أن يكون مدخلاً للمعرض الدولي الذي يوافق في الوقت نفسه مرور مائة عام على الثورة الفرنسية والمقرر إقامته عام 1889، ولكي تتمكن الحكومة من تنفيذ تلك الفكرة أعلنت عن مسابقة عام 1886 لتنفيذ برج يبلغ طوله 300 متر وقاعدته 125 متراً مربعاً، وكان شرطها الوحيد أن يتمكن من استرداد قيمة بنائه بنفسه، كما يجب أن يكون مؤقتاً وقابلاً للفك بعد انتهاء المعرض…. !!
تقدم للمسابقة أكثر من 120 مهندساً والعديد من الأفكار لم يحظ أي منها بالقبول، حتى تقدم المعماري الشهيـر (جوستاف آيفل) بفكرته العبقرية إلى جانب عرض آخر مدهش:







لكن الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للبرج خاصة وللفرنسين عامة كان عندما دخل الاحتلال الألماني باريس عام 1940 وقرر وضع الصليب المعكوف (رمز النازية) فوق البرج، ففوجئوا بأن الفرنسين قد قطعوا كابلات الرفع بالبرج وكان من الصعب عليهم تصليحها بسبب ظروف الحرب آنذاك، فأجلت القوات رفع العلم عليه لحين وصول الإمدادات ومن ثم عدم التحكم في قطع الاتصالات في باريس (نظراً للاستخدام المسبق من قبل الحكومة الفرنسية للبرج في الاتصالات)، وكان الشائع في ذلك الوقت أن هتلر احتل باريس ولكنه لم يحتل برج إيفـل واستمر الوضع على ما هو عليه حتى تحررت باريس عام 1944 وأصبح برج إيفل رمزاً للنصر عند الفرنسين وتحولت نظراتهم من النقد والكره الشديد إلى المدح والاعتزاز والفخــر…








معلومات إضافية:
- الارتفاع الكلي: 324 متراً بثلاث مستويات بجانب الهوائى الخاص بالبث.
- الوزن الكلي: 10,100 طن.
- عدد الدرجات: 1,665.
- يحتوى البرج على نظام إضاءه متكامل تم تركيبه عام2000 بعدد 20,000 لمبة إضاءة ..!
- يحتاج البرج إلى عملية صيانة وإعادة طلاء منتظمة,وتتم هذه العملية بصورة دورية كل 7 سنوات يدويـــاً.
- يحتوى البرج على مطعمين فى كل من الدور الاول والدور الثاني.
- وصل عدد الزوار منذ انشائه وحتى الآن إلى اكثر من 220 مليون زائر.
وأترك لكم أكثر من خلفية مميزة للبرج: 1, 2, 3
***********************************************************************
ونترك أوروبا ونتجه غرباً إلى أمريكا الشمالية وإلى الولايات المتحدة الأمريكية:

تمثال الحرية:
والمعروف عن هذا التمثال انه اهدى الى الشعب الامريكى من قبل نظيره الفرنســى بمناسبه مرور 100 عام على استقلال الولايات المتحده الامريكيه وأيضا لتوطيد العلاقه بين البلدين
ولكــن دعونا نتكلم عن القصه الكامله والحقيقيه للتمثال (والتى ينكرها بعض الأمريكيين)
تبدأ القصه عندما زار الفنان الفرنسـى (فريدريرك أوغست بارتولدى ) مصر عام 1859 وقت شق قناة السويس وخطرت لـه فكرة وجود منارة ضخمة على مدخل القناة لإرشاد السفن، على هيئة آله الحرية في المثيولوجيا الرومانية وتصمم بارتداءها ملابس فلاحة مصرية ترفع يدها حاملة شعله يخرج منها ضوء لإرشاد السفن. . وقرر ان يعرض تلك الفكره على الخديوى اسماعيـل وقام بعمل مجسم صغير للتمثال ، و سافر بارتولدى الى القاهره وقابل الخديوى اسماعيل وعرض عليه مشروعه العبقرى وكل أمله ان تقبل فكرته ، ثم وجد فى نظرات الخديوى كل الاحترام والاعجاب بمشروعه لكنه للأسف لم يعده بالتنفيذ او حتى موافقه مبدأيه .. ،

وبعد هذا الحدث بعام تقريبا فكرت الحكومه الفرنسيه فى مشروع لتقويه علاقاتها مع البلاد الجديده (مابعد البحار ) عن طريق إهداء هدايا تذكاريه إلى تلك الدول ، وكان من ضمنها الولايات المتحده (حيث انها لم تكن دوله عظمى بعد) فكانت تلك الفكره بإهداء تمثال الى الولايات المتحده بمناسبه مرور مائه عام على استقلالها بحيث يعبر هذا التمثال عن الحريه والاستقلال …
فعرض بارتولدى فكرته القديمه ولكن بتغيير لبعض التفاصيل مثل الارتقاع (زاد 3 امتار ) وتغيير مكان الشعله من اليمنى الى اليسرى وتغيير الملابس من زى فلاحه الى الزى الاغريقى القديم وتم الاتفاق عليهـا اخيراً

واستعانت الحكومه بالمعمارى الشهير (جوستاف إيفل ) لتصميم الهيكل الانشائى للتمثال بجانب تصميم بارتولدى






وبمنسابه مروه 100 عام على بنائه قامت السلطات فى عام 1986 بعمل ترميمات كليه للتمثال وتغير لونه من النحاسى (الاساسى) إلى اللون الذى هو عليه الآن ليلائم اضواء نيويورك ليلاً إلى جانب طلاء الشعله بالذهب.







معلومات إضافية:
- الارتفاع الكلي للتمثال: 93 متر.
- عرض القاعدة: 47 متر.
- الوزن الكلي: 125 طن.
- في عام 1916 – في إطار الحرب العالمية الأولى – وقع انفجار ألحق أضرارا بالتمثال بلغت قيمتها 100,000 دولار أمريكي مما أدي إلي تحديد حجم الزائرين حتي تم الإصلاح.
- بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، قامت السلطات الأمريكية بإغلاق التمثال والمتحف والجزيرة أمام الجمهور لمراجعة الإجراءات الأمنية ثم أعيد افتتاحهم فى 20 ديسمبر 2001.
وأترك لكم خلفية متميزة للتمثال: اضغط هنا
***********************************************************************
ومن قارة أمريكا الشمالية إلى القارة الجديدة (استراليا):

أوبرا سيدني:
هذا المبنى الذى كلما نظرت إليه ارى اسراراً والغازاً بين اجزائه المختلفه ويبعث إلى روحاً من المغامره لمحاوله معرفه سر هذا المبنى العملاق … فهيا بنا نحاول
بدأت القصة وراء هذا الصرح الرائع في 1956 عندما دعت حكومة “نيو ساوث ويلز” لمسابقة مفتوحة لتصميم قاعتين مسارح، للأوبرا وللحفلات الموسيقية السمفونية ، والذى من شأنه أن يضع سيدني على الخريطة العالمية ..
فى نفس هذا الوقت كان هناك مهندس معمارى دنماركى يدعى (يورن أوتزون ) الذى لم يسمع احداً عنه فى ذلك الوقت قد وضع تخيلاته الخاصه لمبنى فى واقع خياله على اسكتشات صغيره (رسم يدوى ) يحلم ان تتحول تلك الرسومات الخياليه واحلامه الى واقع فى يومــاً ما …….. ، وها قد جائت فرصه لوتزون ليحاول ان ينفذ حلمه الاكبر عن طريق هذه المسابقه.




و في المرحلة الثالثة والأخيرة من المشروع تم تغيير بعض من تصاميم أوتزون(داخلى) بطلب من الحكومه
وتم الانتهاء فى عام 1973 عـلى تلك المراحل الثلاثه بتكلفة نهائية وصلت لـ 102 مليون دولار..!

ولكن للأسف في عام 1989 تم إعلام الحكومة بأن دار الأوبرا في حاجة لإصلاحات وتم الانتهاء منها باكلفة 86 مليون دولار ، ولكن بأى حال هذا التكاليف الباهظة كانت الثمن المدفوع من أجل تحويل دار أوبرا سيدني إلى تحفه القرن العشرين.

وليتركنا نحن نستمتع برؤيه هذا المبنى الذى يعد واحداً من أعظم الأعمال المعمارية على مر التاريخ.




- يحتوى السقف المقوس على 1056066 قطعة سيراميك صنعت في السويد من الطين والحجر المجروش.
- يحتوى المبنى على 2000 لوح زجاج صممته شركة “أروب أوف وشركاه”.
- إستغرق الأمر أحد عشر عاما لاستكمال هيكل السقف فقط….!
- الميزانيه للمبنى كانت 7 مليون دولار فقــط ولكن تم تخطى هذا المبلغ ليصل إلى 102 مليون دولار إلى جانب 86 مليون دولار تكلفه الاصلاحات …..!
واترك لكم اكثر من خلفيه ســاحره للمبنى: 1, 2,
***********************************************************************
ومن بلاد الغرب نعود بعد رحلةٍ طويلة إلى أم الدنيا (مصر) في قلب الوطن العربي:

ميدان التحرير:
فبلغة الجغرافيا ميدان التحرير هو أحد أكبر ميادين العاصمة المصرية شهرةً وأيضاً من أهمها من حيث الحركة والموقع، ولكن الأهم من كل هذا هي لغة التاريخ التي أجبرتنا على التحدث عن هذا الميدان العتيق وعن دوره المهم منذ إنشائه وحتى يومنا هذا، فماذا عن تاريخ هذا الميدان؟
كان الخديوي اسماعيل منبهراً بالحضارة الفرنسيه ويراها هى الشمس التى تشع على العالم , فلذلك شرع منذ توليه الحكم فى اعادة تخطيط وبناء القاهره الجديده وتحويلها إلى الطراز السائد فى باريس .
فوكل الأمر إلى المعمارى الفرنسى(باريل دى شامب ) الذى قام بدوره بإنشاء المبانى والميادين الجديد على الطراز الفرنسى , وكان من بينها ميدان التحرير الذى انشىء عام 1865(على نمط ميدان شارل ديجول فى فرنسا) تحت اسم (ميدان الاسماعيليه ) نسبه إلى الخديوى اسماعيل


فمـثلا عام 1881 خرج الزعيم الراحل احمد عاربى من الميدان بقياده وحده عسكريه متجهاً إلى قصر عابدين حين قال جملته الشهيره <<لقد ولدتنا أمهاتنا أحرار>> .
ولكن اول واهم الاحداث التى مرت على الميدان اثناء ثوره 1919 حيث تجمع الآلاف من المصرين أمام سكنات الجيش الانجليزى التى كانت معسكره فى الميدان وأجبرته على الموافقه على عودة الزعيم سعد زغــلول

وبدأت أهميه الميدان تظهر فى العهد الحديث اثناء العدوان الثلاثى على مصر , حيث تجمع آلاف المصريين فى الميدان للتطوع ضد الاحتلال فى بورسعيد
وفى 9 يونيو 1967 عندما قرر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر التنحى عن منصبه كرئيس للجمهوريه بعد النكسه . انطلقت حشود هائله من الناس إلى الميدان تطالبه بالبقاء والتراجع عن قراره .

وفى يناير 1972 شهد الميدان واحداً من أكبر المظاهرات الطلابيه ضد أنور السادات ليعبروا عن غضبهم واستيائهم بسبب تأخر الرئيس انور السادات فى الرد على النكسه وأعلان الموعد النهائى للحرب .
وفى أكتوبر 1973 تغيرت النغمات والاصوات واحتشد الناس مره ارى فى نفس الميدان لتحيه السادات عندما كان قادماً لالقاء خطاب النصر فى مجلس الشعب
وتتغير النغمه تاره أخرى إلى الغضب والاعتراض ….!
حيث تجمع الناس فى عام1977 (عام الانفتاح الاقتصادى) فى الميدان ليعبروا عن غضبهم بسبب رفع العديد من السلع الاساسيه .
وعندما أندلعت الحرب ضد العراق وتم غزو بغداد في ابريل 2003 أشتعلت المظاهرات وكان ميدان التحرير هو أكبر تجمع لأكبر مظاهرة فى مصر.
ومنذ ذاك الوقت وأنفتحت الشهية للمظاهرات التي نظمتها حركات مثل كفاية و 6 ابريل في كل المناسبات.
إلى أن جاء الإنفجار الأكبر في 25 يناير 2011حين أحتشد ملايين المصريين في ميدان التحرير مطالبين بتنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك من رئاسة الجمهورية (هناك فرق بين هذا وذاك ) واتخذوا الميدان مقرا لثورتهم إلي ان اعلن نائب الرئيس في بيان رسمي تخلي الرئيس عن منصبه في مساء الجمعة 11 فبراير 2011






أترككم مع صور عالية الجودة تحكي ملخص ما حدث فى الميدان: 1, 2, 3, 4, 5, 6
وفي النهايه أتمنى أن ينال إعجابكم وأن أكون قد وفقت في نقل ما يفيدكم، وأسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء وأن يرد إسلامنا إلى عزته وكرامته..
___________________________________________
المصادر: 1, 2, 3, 4, 5, 6, 7, 8, 9, 10, 11
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق